قراءة سورة البقرة والقرين
الأحد أكتوبر 30, 2022 1:28 pm
الحمد لله.
أولًا :
قراءة سورة "البقرة" من الأعمال العظيمة التي يحرص المؤمن عليها . فعن أبي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: اقْرَءُوا الْقُرْآنَ فَإِنَّهُ يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ شَفِيعًا لِأَصْحَابِهِ، اقْرَءُوا الزَّهْرَاوَيْنِ الْبَقَرَةَ، وَسُورَةَ آلِ عِمْرَانَ، فَإِنَّهُمَا تَأْتِيَانِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَأَنَّهُمَا غَمَامَتَانِ، أَوْ كَأَنَّهُمَا غَيَايَتَانِ، أَوْ كَأَنَّهُمَا فِرْقَانِ مِنْ طَيْرٍ صَوَافَّ، تُحَاجَّانِ عَنْ أَصْحَابِهِمَا، اقْرَءُوا سُورَةَ الْبَقَرَةِ، فَإِنَّ أَخْذَهَا بَرَكَةٌ، وَتَرْكَهَا حَسْرَةٌ، وَلَا تَسْتَطِيعُهَا الْبَطَلَةُ قَالَ مُعَاوِيَةُ: بَلَغَنِي أَنَّ الْبَطَلَةَ: السَّحَرَةُ.رواه مسلم(804).
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: لَا تَجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ مَقَابِرَ، إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْفِرُ مِنَ الْبَيْتِ الَّذِي تُقْرَأُ فِيهِ سُورَةُ الْبَقَرَةِ رواه مسلم(780) .
ثانيًا :
لا يشترط تلاوة سورة البقرة بصوت مرتفع ، بل يكفي أن تُقرأ وتتلى في البيت ، ولو مع خفض الصوت ، كما لا يشترط أن تُقرأ دفعة واحدة ، بل يمكن أن تُقرأ على أوقات، في مرات متعددة، ولا يشترط أن يكون القارئ لكل السورة واحداً من أهل البيت ، بل لو وزعت بينهم لجاز ، وإن كان الأفضل في كل ذلك أن تُقرأ دفعة واحدة ومن شخص واحد .
ولا يكفي سماع الصوت الخارج من إذاعة أو شريط عن قراءتها في البيت، لتحصيل بركتها؛ بل لا بدَّ من مباشرة القراءة من أهل البيت أنفسهم؛ فإن الحاصل من صوت "التسجيل" ونحوه: ليس قراءة للسورة، بل هو "نقل" لقراءة القارئ له، ثم ما يكون من أهل البيت إنما هو مجرد سماع لصوته، أو سماع لتسجيل قراءته، وليس قراءة لها.
وينظر للفائدة: جواب السؤال رقم : (148871) ورقم : (48990) .
وينظر أيضا:
http://binothaimeen.net/content/9907
وقد سئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله - :
هناك حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أن الإنسان لو قرأ سورة " البقرة " لا يدخل الشيطان في بيته ، لكن لو كانت السورة مسجلة على شريط هل يحصل نفس الأمر ؟
فأجاب :
" لا ، لا ، صوت الشريط ليس بشيء ، لا يفيد ؛ لأنه لا يقال " قرأ القرآن " ، يقال : " استمع إلى صوت قارئ سابق " ، ولهذا لو سجَّلنا أذان مؤذن فإذا جاء الوقت جعلناه في " الميكرفون " وتركناه يؤذن هل يُجزئ ؟ لا يجزئ ، ولو سجلنا خطبة مثيرة ، فلما جاء يوم الجمعة وضعنا هذا المسجل وفيه الشريط أمام " الميكرفون " فقال المسجل " السلام عليكم ورحمة الله وبركاته " ثم أذَّن المؤذن ، ثم قام فخطب ، هل تُجزئ ؟ لا تُجزئ ، لماذا ؟ لأن هذا تسجيل صوتٍ ماضٍ ، كما لو أنك كتبته في ورقة أو وضعتَ مصحفاً في البيت ، هل يُجزئ عن القراءة ؟ لا يُجزئ " انتهى من " أسئلة الباب المفتوح " ( السؤال رقم 986) .
لكن إن لم يكن في أهل البيت من يستطيع أن يقرأ سورة البقرة ، ولم يكن هناك من يقرؤها لهم في البيت ، واستخدموا المسجل في قراءتها ، فالأظهر ، إن شاء الله ، أنه يحصل لهم هذه الفضيلة في البيت : فرار الشيطان منه ؛ لاسيما إن كان من أهل البيت من يستمع القراءة من المسجل .
وفي هذا الرابط كلام حسن نافع، حول ذلك، لفضيلة الشيخ عبد المحسن الزامل حفظه الله:
https://www.youtube.com/watch?v=qN5TY7zhwVM
وينظر جواب السؤال رقم : (69963).
وتقييد الفرار بثلاثة أيام ورد في حديث ضعيف كما سبق بيانه في جواب السؤال رقم : (243279).
ثالثًا :
أما "القرين" فقد ورد ذكره في حديث عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ، إِلَّا وَقَدْ وُكِّلَ بِهِ قَرِينُهُ مِنَ الْجِنِّ قَالُوا: وَإِيَّاكَ؟ يَا رَسُولَ اللهِ قَالَ: وَإِيَّايَ، إِلَّا أَنَّ اللهَ أَعَانَنِي عَلَيْهِ فَأَسْلَمَ، فَلَا يَأْمُرُنِي إِلَّا بِخَيْرٍ رواه مسلم (2814).
والذي يظهر أن هذا الشيطان لا ينفك عن الإنسان ، لكن شره يذهب بالعبادة ، وتستمر المجاهدة بين الإنسان والشيطان ، حتى يلقى الإنسان ربه ، فيثيبه الله على تلك المجاهدة .
قال "ابن هبيرة" في فقه الحديث : " في هذا الحديث من الفقه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أعلمنا أن كل شخص وإن بلغ من العبادة والعلم ما بلغ لا ينفك عنه شيطان يوكل به يغويه ويسول له ، ويشككه في الدين ، وأنه أيضًا معان بملك يسدده ويرشده ، وسألني بعض الناس مرة أخرى الكلام ، قلت له : هل ترى الملكين اللذين معك ؟ فقال : لا ، وكان جالسًا عندي في الدار فقلت اخرج إلى الشمس وانظر هل ترى ظلك أم لا ، وإنما عنيت بذلك أنه لم ير الملكين من حيث تكاثف الظلمة على البصيرة ، فلو قد طلعت عليه شمس من نور الإيمان لأضاءت له البصيرة ، فأبصر ما لم يره من قبل "، انتهى من "الإفصاح" (2/ 121 - 122).
وقال الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى :
" ولكن لا يلزم من فراره أن لا يعود بعد انتهاء القراءة ، كما أنه يفر من سماع الأذان والإقامة ، ثم يعود حتى يخطر بين المرء وقلبه ، ويقول له : اذكر كذا ، واذكر كذا . . كما صح بذلك الخبر عن النبي صلى الله عليه وسلم .
فالمشروع للمؤمن أن يتعوذ بالله من الشيطان دوما ، وأن يحذر من مكائده ووساوسه وما يدعو إليه من الإثم " انتهى من " مجموع فتاوى ابن باز " (24 / 413 – 414) ، وهذا في عموم الشياطين ، فلأن يكون في "القرين" من باب أولى .
ومما يؤيد هذا ما ورد عن عبد الله بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( إذا كان أحدكم يصلِّي فلا يدع أحداً يمرُّ بين يديه ، فإن أبى فليقاتلْه فإن معه القرين ) . رواه مسلم (506).
قال الشوكاني :
قوله " فإن معه القرين " في القاموس : " القرين " : المقارن ، والصاحب ، والشيطان المقرون بالإنسان لا يفارقه ، وهو المراد هنا . " نيل الأوطار " ( 3 / 7).
وانظر في "القرين" وأحواله الأجوبة التالية : (149459)، (26226)، (23415).
والله أعلم.
أولًا :
قراءة سورة "البقرة" من الأعمال العظيمة التي يحرص المؤمن عليها . فعن أبي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: اقْرَءُوا الْقُرْآنَ فَإِنَّهُ يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ شَفِيعًا لِأَصْحَابِهِ، اقْرَءُوا الزَّهْرَاوَيْنِ الْبَقَرَةَ، وَسُورَةَ آلِ عِمْرَانَ، فَإِنَّهُمَا تَأْتِيَانِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَأَنَّهُمَا غَمَامَتَانِ، أَوْ كَأَنَّهُمَا غَيَايَتَانِ، أَوْ كَأَنَّهُمَا فِرْقَانِ مِنْ طَيْرٍ صَوَافَّ، تُحَاجَّانِ عَنْ أَصْحَابِهِمَا، اقْرَءُوا سُورَةَ الْبَقَرَةِ، فَإِنَّ أَخْذَهَا بَرَكَةٌ، وَتَرْكَهَا حَسْرَةٌ، وَلَا تَسْتَطِيعُهَا الْبَطَلَةُ قَالَ مُعَاوِيَةُ: بَلَغَنِي أَنَّ الْبَطَلَةَ: السَّحَرَةُ.رواه مسلم(804).
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: لَا تَجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ مَقَابِرَ، إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْفِرُ مِنَ الْبَيْتِ الَّذِي تُقْرَأُ فِيهِ سُورَةُ الْبَقَرَةِ رواه مسلم(780) .
ثانيًا :
لا يشترط تلاوة سورة البقرة بصوت مرتفع ، بل يكفي أن تُقرأ وتتلى في البيت ، ولو مع خفض الصوت ، كما لا يشترط أن تُقرأ دفعة واحدة ، بل يمكن أن تُقرأ على أوقات، في مرات متعددة، ولا يشترط أن يكون القارئ لكل السورة واحداً من أهل البيت ، بل لو وزعت بينهم لجاز ، وإن كان الأفضل في كل ذلك أن تُقرأ دفعة واحدة ومن شخص واحد .
ولا يكفي سماع الصوت الخارج من إذاعة أو شريط عن قراءتها في البيت، لتحصيل بركتها؛ بل لا بدَّ من مباشرة القراءة من أهل البيت أنفسهم؛ فإن الحاصل من صوت "التسجيل" ونحوه: ليس قراءة للسورة، بل هو "نقل" لقراءة القارئ له، ثم ما يكون من أهل البيت إنما هو مجرد سماع لصوته، أو سماع لتسجيل قراءته، وليس قراءة لها.
وينظر للفائدة: جواب السؤال رقم : (148871) ورقم : (48990) .
وينظر أيضا:
http://binothaimeen.net/content/9907
وقد سئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله - :
هناك حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أن الإنسان لو قرأ سورة " البقرة " لا يدخل الشيطان في بيته ، لكن لو كانت السورة مسجلة على شريط هل يحصل نفس الأمر ؟
فأجاب :
" لا ، لا ، صوت الشريط ليس بشيء ، لا يفيد ؛ لأنه لا يقال " قرأ القرآن " ، يقال : " استمع إلى صوت قارئ سابق " ، ولهذا لو سجَّلنا أذان مؤذن فإذا جاء الوقت جعلناه في " الميكرفون " وتركناه يؤذن هل يُجزئ ؟ لا يجزئ ، ولو سجلنا خطبة مثيرة ، فلما جاء يوم الجمعة وضعنا هذا المسجل وفيه الشريط أمام " الميكرفون " فقال المسجل " السلام عليكم ورحمة الله وبركاته " ثم أذَّن المؤذن ، ثم قام فخطب ، هل تُجزئ ؟ لا تُجزئ ، لماذا ؟ لأن هذا تسجيل صوتٍ ماضٍ ، كما لو أنك كتبته في ورقة أو وضعتَ مصحفاً في البيت ، هل يُجزئ عن القراءة ؟ لا يُجزئ " انتهى من " أسئلة الباب المفتوح " ( السؤال رقم 986) .
لكن إن لم يكن في أهل البيت من يستطيع أن يقرأ سورة البقرة ، ولم يكن هناك من يقرؤها لهم في البيت ، واستخدموا المسجل في قراءتها ، فالأظهر ، إن شاء الله ، أنه يحصل لهم هذه الفضيلة في البيت : فرار الشيطان منه ؛ لاسيما إن كان من أهل البيت من يستمع القراءة من المسجل .
وفي هذا الرابط كلام حسن نافع، حول ذلك، لفضيلة الشيخ عبد المحسن الزامل حفظه الله:
https://www.youtube.com/watch?v=qN5TY7zhwVM
وينظر جواب السؤال رقم : (69963).
وتقييد الفرار بثلاثة أيام ورد في حديث ضعيف كما سبق بيانه في جواب السؤال رقم : (243279).
ثالثًا :
أما "القرين" فقد ورد ذكره في حديث عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ، إِلَّا وَقَدْ وُكِّلَ بِهِ قَرِينُهُ مِنَ الْجِنِّ قَالُوا: وَإِيَّاكَ؟ يَا رَسُولَ اللهِ قَالَ: وَإِيَّايَ، إِلَّا أَنَّ اللهَ أَعَانَنِي عَلَيْهِ فَأَسْلَمَ، فَلَا يَأْمُرُنِي إِلَّا بِخَيْرٍ رواه مسلم (2814).
والذي يظهر أن هذا الشيطان لا ينفك عن الإنسان ، لكن شره يذهب بالعبادة ، وتستمر المجاهدة بين الإنسان والشيطان ، حتى يلقى الإنسان ربه ، فيثيبه الله على تلك المجاهدة .
قال "ابن هبيرة" في فقه الحديث : " في هذا الحديث من الفقه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أعلمنا أن كل شخص وإن بلغ من العبادة والعلم ما بلغ لا ينفك عنه شيطان يوكل به يغويه ويسول له ، ويشككه في الدين ، وأنه أيضًا معان بملك يسدده ويرشده ، وسألني بعض الناس مرة أخرى الكلام ، قلت له : هل ترى الملكين اللذين معك ؟ فقال : لا ، وكان جالسًا عندي في الدار فقلت اخرج إلى الشمس وانظر هل ترى ظلك أم لا ، وإنما عنيت بذلك أنه لم ير الملكين من حيث تكاثف الظلمة على البصيرة ، فلو قد طلعت عليه شمس من نور الإيمان لأضاءت له البصيرة ، فأبصر ما لم يره من قبل "، انتهى من "الإفصاح" (2/ 121 - 122).
وقال الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى :
" ولكن لا يلزم من فراره أن لا يعود بعد انتهاء القراءة ، كما أنه يفر من سماع الأذان والإقامة ، ثم يعود حتى يخطر بين المرء وقلبه ، ويقول له : اذكر كذا ، واذكر كذا . . كما صح بذلك الخبر عن النبي صلى الله عليه وسلم .
فالمشروع للمؤمن أن يتعوذ بالله من الشيطان دوما ، وأن يحذر من مكائده ووساوسه وما يدعو إليه من الإثم " انتهى من " مجموع فتاوى ابن باز " (24 / 413 – 414) ، وهذا في عموم الشياطين ، فلأن يكون في "القرين" من باب أولى .
ومما يؤيد هذا ما ورد عن عبد الله بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( إذا كان أحدكم يصلِّي فلا يدع أحداً يمرُّ بين يديه ، فإن أبى فليقاتلْه فإن معه القرين ) . رواه مسلم (506).
قال الشوكاني :
قوله " فإن معه القرين " في القاموس : " القرين " : المقارن ، والصاحب ، والشيطان المقرون بالإنسان لا يفارقه ، وهو المراد هنا . " نيل الأوطار " ( 3 / 7).
وانظر في "القرين" وأحواله الأجوبة التالية : (149459)، (26226)، (23415).
والله أعلم.
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى